حرية الاعلام النشأة و التطور
1. مفهوم الحرية
يتجدد البحث في مشكلة الحرية كلما تطورت الحياة البشرية وتقدم العلم الذي يرتكز على مبدأ الحتمية ...،إذ كلما تقدم العلم في ميدان يتعلق بالعمل البشري وبالمبادرة الفردية ،تخوف الإنسان من أن تعطي
الاكتشافات الجديدة للبعض وسائل التحكم في إرادة البعض الآخر ،أمام هذا فإن الإنسان في سعي دائم في البحث عن الحرية سواء في التعبير أو الدين أو السياسة والاقتصاد والاجتماع ،هذه الحرية التي لايكاد أحد
يقف على تعريف واحد لها تختلف من نسق فكرية وفلسفية إلى آخر .
فالحرية عند البعض هي" تجربة الإمكان بالمعنى المادي أي الاستطاعة على القيام بعمل يرغب فيه ،وبالمعنى القانوني أي السماح له بذلك بحيث لايتعرض لأي عقاب إذا فعل مايريد " ([1]).
وهي تعني عند البعض تجاوز كل إكراه خارجي أو داخلي وهي القيمة الثابتة للشخص لأن يتحرك دون قيد أو شرط، وهي على النقيض تماما من الحتمية والتي تعني خضوع الفعل الإنساني لشرط من الشروط يفسر
حدوثه وفق مبدأ العلة والمعلول
فقد قرأنا عن محاولة (المعتزلة) إثباتها بواسطة الشعور فقالوا:إن الشعور بالحرية كاف لإثبات وجودها. وجاء (Decartes ديكارت) سنة (1896-1950)واعتبرها أيضا حالة شعورية وأنها تدرك بلا
برهان لأنها من خصائص الذات الشاعرة ، ومنهم من اعتبرها أساس الوجود الإنساني مثل (مين دوبيران) الذي رأى في جهد الإنسان العضلي أو الفكري دليل على أن إرادته حرة وقادرة على التأثير في جسده ومقاومة
آلامه.
ثم جاء (Bergson) ( برغسون)( 1859-1941) فرأى أن الحرية هي إحدى مسلمات الشعور ندركها بالحدس لكن أدلته لم تقنع العالم السلوكي الأمريكي (Watson واطسن)
(1878-1958) والنمساوي فرويد (1856-1939)
حيث يرى الأول تحت تأثير النزعة العلمية التي سادت القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بأن أفعالنا خاضعة لنوع المثير وإننا نستطيع أن نتنبأ بسلوك الفرد لاحقا إذا وقفنا على أسبابها، أما فرويد فيرى بأن الإنسان
خاضع في سلوكه للدوافع اللاشعورية التي توجه سلوكه([2]) ...ويرى فرانسيس فوكوياما أن تطور الحرية هو المحرك الأساسي أو الرئيسي للتاريخ ([3])
تقسيمات الحريات :
[1] - عبد الله العروي،مفهوم الحرية ،ط:5 ، بيروت ،المركز الثقافي العربي ،ص 91
[2] - في هذا الصدد أنظر :- رياض شمس،حرية الرأي وجرائم الصحافة والنشر، ج:1،بدون طبعة ،القاهرة ،دار الكتب، 1974
- ألبرت ل.هيستر،واي لانج،دليل الصحفي في العالم الثالث ،تر:كمال عبد الرؤوف ،القاهرة ،الدار الدولية للنشر و التوزيع ،1988
[3] - فرانسيس فوكوياما،نهاية التاريخ والإنسان الأخير ،بدون طبعة ،بيروت ،مركز الإنماء القومي ،1993،ص130