مفهوم علم آثار ما قبل التاريخ في شمال إفريقيا
3. نشأة علم ما قبل التاريخ
تغطي فترة ما قبل التاريخ حوالي 7 مليون عام تقريباً من ماضي البشريّة ، تشمل هذه الفترة الطويلة تطور أولى المجتمعات البشريّة منذ حوالي 2.4 مليون عام تقريباً وصولاً لابتكار وانتشار الكتابة في حوالي 3500 عام قبل الميلاد.
تنقسم حقبة ما قبل التاريخ لمرحلتين كبيرتين هما الباليوليتي أو العصر الحجري القديم والنيولوتي أو العصر الحجري الحديث مع حقبة وسيطة انتقالية تدعى الميزوليتي أو العصر الحجري الوسيط و الغائبة في شمال إفريقيا.
يُعتقد بأنّ ظهور أبسط صيغ الحياة في الأرض قد حصل منذ 3.8 مليار عام، لكن ظهور أشباه البشر، لم يحصل إلا منذ 7 ملايين عام تقريباً. و ارتبطت دراسة فترة ما قبل التاريخ منذ البداية بالجيولوجيا و الباليونتولوجيا ألتي تعد من العلوم أساسية في نشأة هذا المنهج ، سواء علماء باحثين أو فضوليين في أوروبا ساهموا في ظهور هذا العلم.
أولى البقايا الحجرية من الصوان عثر عليها في بداية القرن 18 لكنها لم يعترف بها كأدوات من صنع الإنسان. حيث كانت الكنيسة واعتمادا على نصوص من الكتاب المقدس ترجع ظهور الإنسان إلى حوالي 6000 سنة فقط ، فكان من الصعب الدفاع على هذا الموقف والوقوف في وجه الكنيسة إلا بعد ظهور عدة اكتشافات في أوروبا ثبتت بواسطة الدليل المادي الأثري بوجود الإنسان منذ فترة تتجاوز 02 مليون سنة.
يعتبر Boucher de Perth (1788-1868) الأب الروحي لعلم ما قبل التاريخ الذي ميز بين الطبقات الستراتيغرافية ومحتوياتها الأثرية وبين أن الطبقة السفلى هي الأقدم مقارنة بالطبقات العلوية. فبدأت بذالك دراسة عصور ما قبل التأريخ في فرنسا، انكلترا وبلجيكا، خلال القرن التاسع عشر الميلادي، عبر تحليل وتأريخ الصخور وعلاقتها بالبقايا العظمية البشرية وأدوات أثرية عثر عليها بالقرب من تلك البقايالباليونتولوجية و الأنتروبولوجيةا. وتلت الاكتشافات بعد ذلك في عدة مواقع من العالم مما أدى إلى ظهور عدة نظريات حول ظهور وتطور الإنسان، ووضعت عدة فرضيات حول كرونولوجية وثقافات عصور ما قبل التاريخ وظهرت عدة اختلافات بعضها تلاشت تدريجيا بتقدم الأبحاث وظهور نتائج جديدة وأخرى لا تزال تتجدد إلى يومنا هذا.
ومع نهاية القرن 19 أصبح علم الآثار وعلم ما قبل التاريخ منظومة كاملة ضمن علوم الإنسان وعلوم الطبيعة، رغم استمرار وجود انتقادات بين المختصين خاصة مع تنوع وتقدم تقنيات البحث الأثري وتنوع مجالات البحث مع ظهور الفن الصخري وتنوع الصناعات الحجرية وكذلك ابتكار تقنيات التأريخ الكربون14 إلى جانب الاهتمام بالجانب البيولوجي وذلك بدراسة المستحثاث الإنسانية و الحيوانية والنباتية.
و ابتداء من الخمسينات أصبحت الدراسات في ما قبل التاريخ أكثر تخصصا وتدقيقا وذلك بظهور القوائم التنميطية الوظيفية وكذلك وصف وتحليل مختلف تقنيات الصنع التي تطورت في السبعينات لتصبح على شكل سلاسل عملية لتقنيات الإنتاج سواء الصناعات الحجرية، الفخار والمعادن...
من خلال هذه اللبدة التاريخية حول نشأة علم ما قبل التاريخ والمسار التطوري الذي عرفه هذا العلم والذي لايزال في تطور مستمر حسب مستجدات الأبحاث وهذا هو الدليل القاطع على أنّ هذا العلم كجميع العلوم من نشاطات الإنسان لا يمكن عزله عن تأثيرات زمانه ومحيطه.