خصائص الدولة
2. السيادة و خضوع الدولة للقانون
ثانيا: السيادة
ظهرت السيادة كردة فعل للسلطات المطلقة التي كان يتمتع بها البابا و الامبراطور و لقد مهد جون بودان لظهورها و يفصد بالسيادة ان الدولة حرة في التصرف داخل و خارج اقليمها في اطار ما تفرضه قواعد القانون الدولي و الداخلي و للسيادة شكليين:
1. السيادة القانونية : و هي تعني الن الدولة ممثلة في مؤسساتها سلطة اصدار القوانين و تنفيذها و حق معاقبة كل من يخالف هذه القوانين.
2. السيادة السياسية : و هي ملك للشعب فقط و الشهب هنا يؤخذ بمفهومه السياسي ، الذي يقتصر على مجموعة الافراد الذين يحق لهم التمتع بالحقوق السياسية و يمرسونها وهذه السيادة تكون اسبق على السيادة القانونية .
أوجه السيادة : لها وجهان:
السيادة الداخلية: معناها ان للدولة السلطة العليا و المطلقة على الافراد و الهيئات التي تقع في حدودها اقليمها الجغرافي وعلى هؤلاء الافراد احترام و طاعة الاوامر و التوجيهات ذات الصفة الالزامية التي تصدرها الدولة
= السيادة الخارجية : يعني عدم خضوع الدولة لأية سلطة اجنبية و بالتالي مساواتها بين الدول و استقلالها عنها ، فالدولة صاحبة السيادة لا تتلقى اوامر و توجيهات من الخارج و في المقابل لا يحق لها التدخل قي الشؤون الداخلية للدول الاخرى ذات سيادة .
ملاحظة: توجد دول ناقصة السيادة و هي الدول المحمية و الواقعة تحت الانتداب و الوصاية فهي دول لا تتمتع بكامل اختصاصاتها على المستوى الخارجي و نوعا ما تتمتع على المستوى الداخلي إلا المستعمرة فتفقدها من الناحية الداخلية و الخارجية .
صاحب السيادة في الدولة : بمعنى اخر من له حق ممارسة السلطة في الدولة و للإجابة على هذا السؤال ظهرت نظريتان نظرية سيادة الامة و نظرية سيادة الشعب و كلاهما يتفق على رد السيادة لمجموع الافراد لكن الاختلاف يظهر في :
1- نظرية سيادة الامة : ظهرت هذه النظرية على انقاض الملكية المطلقة و محاربة النظام الاستبدادي وترى هذه النظرية بان السيادة لا يمتلكها المواطنين كافة بل هي ملك جماعة من المواطنين نيابة عن الامة باعتبارها كيان مستقل ومتميز عن الافراد و عاجز عن التعبير عن نفسها .
- النتائج المترتبة عن الاخذ بهذه النظرية:
1. ان الانتخاب مجرد وظيفة ولا يمكن ان يكون لكافة المواطنين و انما يمنح لمن له هو اهلا و اكثر جارة
2. بعبر المنتخبون عن مجموع الامة بموجب وكالة تمثيلية عامة (الوكالة العامة معناها انه لا يمكن محاسبته و لا تستطيع عزله، بمثل عامة الامة غير ملتزم بتعليمات ناخبيه)
3. السيادة وحدة واحدة غير قابلة للتجزئة و لا يمكن التصرف فيها أو التنازل عنها و الامة و حدها المالة
4. الاخذ بهذه النظرية يؤدي الى تقرير مبدأ الاقتراع المقيد بشرط مثلا النصاب المالي أو الاصل أو الجنس
5. المنتخب أو الناخب ممثل للامة و ليس مجرد نائب عن دائرته الانتخابية. تكريس مبدا سيدة الامة ادى الى استبداد الممثلين بالحكم و منه اهدار للحقوق و الحريات.
2ــ نظرية سيادة الشعب : ترى هذه النظرية على ان كل مواطن له ان يشارك في اختيار حكامه تعبيرا عن امتلاكه جزء من السيادة ، فالسيادة وفق هذه النظرية تتجزأ و تقسم على افراد الشعب فليست بوحدة واحدة (المقصود بالشعب الشعب السياسي) و هذا ما عبر عنه جون جاك روسو في العقد الاجتماعي بقوله( لو افترضنا ان الدولة تتكون من عشرة الاف مواطن فإن كل مواطن يملك جزء من عشرة آلاف جزء من السلطة ذات سيادة).
- النتائج المترتبة عن هذه النظرية :
1. الانتخابات حق للمواطنين و ليس وظيفة ، فهو حق لكل فرد من افراد الشعب لأنه يملك جزء من السيادة
2. النائب في هذه النظرية وكيل عن الناخبين وممثل لدائرته الانتخابية و بالتالي يرتبط بهم بموجب وكالة الزامية(الاخلال بالالتزام يعرضه للعزل من طرف المنتخبين و يستطيعون عزله عندما يرتكب خطأ)
3. السيادة قابلة للتجزئة لان كل فرد يملك جزء من السيادة
4. الاخذ بهذه النظرية يؤدي الى الاخذ بمبدأ الاقتراع العام (معناه غير مقيد بشروط) هذه النظرية تعرف بما يسمى بالديمقراطية المباشرة ،
الا انه وجه لها نقد بحكم ان النائب يرتبط بدائرته اكثر ما يرتبط بالأمة مما يجعله يغلب مصالح دائرته الانتخابية الضيقة على حساب الصالح العام.
_نجد بان معظم الدساتير في الوقت الحالي عملت من اجل الدمج بين النظريتين و مثال ذلك الدستور الفرنسي لسنة 1946، بمعنى ان الدستور باخذ بنظرية سيادة الامة لكن هذه السيادة يمارسها و يتحكم فيها الشعب الفرنسي ليست بسيادة مجردة و خيالية ،هذا الدمج ظهر ايضا في دستور 1957 المادة الثالثة
اذ نص المادة الثالثة من الدستور الفرنسي لسنة 1946 على : «السيادة الوطنية ملك للشعب الفرنسي »
المشرع الجزائري كذلك عمل من اجل الدمج بين النظريتين في الدساتير الجزائرية المختلفة مع تغليب واضح لنظرية سيدة الشعب ، ليس تاثرا فقط بفرنسا ، و لكن نتيجة تاثير الفكر الاشتراكي ايضا . و يترتب عن هذا الدمج النتائج التالية : ان الانتخابات يعتبر حق ، وهو عاما و ليس مقيدا . ان وكالة النواب هي و كالة عامة و ليست و كالة الزامية ان الديمقراطية في الدولة هي ديمقراطية نيابية بصفة اساسية عملا بنظرية سيادة الامة ، لكن يمكن لرئيس الجمهورية ان يلجأ لاستفتاء الشعبي عملا بنظرية سيادة الشعب ان شكل الحكم هو جمهوري الذي تستعمله نظرية سيادة الشعب.
من ذلك ينص دستور 1989 في المادة السادسة 6 على :« الشعب مصدر كل سلطة »« السيادة الوطنية ملك للشعب ».
تنص المواد من دستور 1996 حسب التعديل الاخير القانون رقم 16_01 المؤرخ في 06مارس 2016 : المادة 07 على : « الشعب مصدر كل سلطة . السيادة الوطنية ملك للشعب ».
تنص المادة 08 من الدستور على : « السلطة التأسيسية ملك للشعب . يمارس الشعب سيادته بواسطة المؤسسسات الدستورية التي يختارها , يمارس الشعب هذه السيادة ايضا عن طريق الاستفتاء و بواسطة الممثلين المنتخبين ».
تنص المادة 11 من الدستور على : « الشعب حر في اختيار ممثليه . لا حدود لتمثيل الشعب ، إلا ما نص عليه الدستور و قانون الانتخابات ».
تنص المادة 12 على : « تستمد الدولة مشروعيتها وسبب وجودها من ارادة الشعب شعارها : بالشعب و للشعب ».
تنص المادة 62 على : « لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية ان ينتخب و ينتخب».
تنص المادة 85 على «ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر و السري »
تنص المادة 118 على « ينتخب أعضاء المجلس الشعبي الوطني عن طري الاقتراع العام المباشر و السري »
ثالثا: خضوع الدولة للقانون
اتت هذه الخاصية كردة فعل على السلطة المطلقة التي يتمتع بها الحاكم الذين لم يكونوا يخضعون لقواعد تسمو عليهم ، ويقصد بالخضوع الدولة للقانون ان تكون جميع نشاطاتها خاضعة للقواعد القانونية، و تعتبر هذه الخاصية ضمانة اساسية لحماية حقوق الافراد و تحقيق مشروعية السلطة في الدولة ، و من ضمانات تحقيقه:
- وجود دستور مكتوب يبين السلطات الاساسية في الدولة وينظمها ويحدد اختصاصاتها و علاقاتها ببعضها كما يبن حقوق و حريات الافراد الاساسية.
- تدرج القواعد القانونية و ذلك بان تخضع القاعدة الادنى درجة للقاعدة الاعلى منها درجة وتطابقها في الشكل و المضمون
- وجوب خضوع نشاطات السلطات الى رقابة سواء كانت الرقابة ادارية ام سياسية ام قضائية و هذه
الاخيرة تعد اكثر رقابة نجاحا في الخضوع الى القانون.