أساس قيام المسؤولية الدولية في المجال البيئي
نص قانوني: نصت المادة الأولى من مشروع المواد حول مسؤولية الدول نتيجة فعل دولي غير مشروع المتبناة من قبل لجنة القانون الدولي CDI في 9 أوت 2006 على أن : " أي عمل دولي غير مشروع للدولة يحرك مسؤوليتها الدولية" .
مفهوم الفعل الدولي غير المشروع:
ينصب العمل الدولي الغير مشروع على انتهاك الشخص الدولي (الدولة) لالتزاماته الدولية سواء في شكل إيجابي أي الإتيان بعمل أو سلبي أي الامتناع ، ومهما كان مصدر هذه الالتزامات الدولية، مما ينجم عنه الالتزام بإصلاح الضرر. وبالتالي فالعمل الدولي الغير مشروع يتجسد في الإتيان بعمل أو مجموعة من الأعمال أو الامتناع أو في الصورتين معا. ومن جهة أخرى مسألة تحديد وجود فعل غير مشروع دوليا يرتبط بالدرجة الأولى بمضمون الالتزام الذي تم خرقه وبالشروط العامة المحددة للطابع غير المشروع للعمل. ومن ذلك نجد بأن المحكمة الدائمة للعدل الدولي أكدت صراحة في قضية الفوسفات في المغرب على أنه عندما تقوم دولة بعمل غير مشروع دوليا اتجاه دولة أخرى، فإن مسؤوليتها الدولية تقوم مباشرة في إطار العلاقات بين الدول . في المجال البيئي نطاق تطبيق نظام المسؤولية وفقا للعمل الدولي غير المشروع محدد ومقيد، لكونه نظام مكمل لا يمكن اللجوء إلى تطبيقه إلا في حالة عدم وجود نظام آخر للمسؤولية بموجب أحكام اتفاقية دولية.
أكدت محكمـة العدل الدوليــة CIJ في كل من قضيــة مضيــق كـورفو وقضيــة الأنشطــة الحربيــة و شبه حربية في نيكاراغوا وضدها وكذلك في قضية مشروع Gabcikovo_Nafymaros، علاوة على بعض من آراءها الاستشارية، كرأيها بمناسبة تفسير اتفاقيات السلام ورأيها بمناسبة إصلاح الأضرار التي لحقت بمصالح الأمم المتحدة بعبارات صريحة بأنه : "من الواضح بأن رفض الوفاء بالتزام اتفاقي أو تعاهدي من شأنه تحريك المسؤولية الدولية".
عناصر الفعل الدولي غير المشروع:
تفرض المادة الثانية من مشروع مواد لجنة القانون الدولي لقيام المسؤولية الدولية على أساس الفعل الدولي غير المشروع ضرورة توفر شرطين أساسيين :
أولا: ضرورة وجود عمل أو امتناع عن عمل يشكل خرقا و انتهاكا للالتزامات الدولية للدولة (شرط موضوعي).
ثانيا: نسبة الفعل الدولي غير المشروع إلى الدولة بموجب أحكام القانون الدولي (شرط شخصي).
والملاحظ أن هذان الشرطان تم التأكيد عليهما في العديد من المناسبات. ففي قضية فوسفات المغرب ربطت المحكمة الدائمة للعدل الدولي نشأة المسؤولية بوجود تصرف يسند إلى دولة ويوصف بأنه مخالف للالتزامات التعاهدية لدولة أخرى.
كما أن محكمة العدل الدولية في قضية الرهائن بين الولايات المتحدة الأمريكية وطهران اعتبرت أن مسؤولية الأخيرة تقوم في الحالة التي يمكن من خلالها إسناد التصرف إلى طهران والتأكد من مدى مطابقته مع الالتزامات الدولية المفروضة عليها بموجب المعاهدات السارية أو بموجب أي قاعدة من قواعد القانون الدولي الواجبة التطبيق. وفي هذه القضية بالذات انتهت المحكمة إلى قيام مسؤولية طهران نظرا لعدم تحرك السلطات الإيرانية inaction والتي لم تتخذ التدابير اللازمة في الظروف القائمة.
زيادة على ذلك يستوي أن يكون الفعل الدولي الغير مشروع مخالف للالتزام تعاهدي أو غير تعاهدي. وفي هذا الإطار أكدت المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية مصنع كورزو chorzow بأن: " انتهاك التزام دولي ما يؤدي بالضرورة إلى الالتزام بإصلاحه بشكل مرض وكاف ".
أساسي:
لا توجد قاعدة عامة بخصوص ضرورة وجود ضرر dommage لقيام المسؤولية، فانتهاك التزام دولي من قبل دولة قد لا يتسبب في حدوث ضرر لدولة أخرى نتيجة لهذا الخرق. كما أن أغلب الفقه يرى بأن الخطأ faute لا يعتبر شرطا أساسيا لقيام الفعل الدولي غير المشروع لاسيما إذا كان المقصود من الخطأ العامل المعنوي أ و البسيكولوجي أي مدى وجود نية خبيثة ( سوء نية).
من الثابت قضاء أن تكييف الفعل على أنه غير مشروع هي مسألة قانون دولي وبالتالي لا تتأثر بالتكييف الذي يتم وفقا للقانون الداخلي.
اعتبرت محكمة العدل الدولية في قضية Elettronica Sicula أن مطابقة التصرف للقانون الداخلي و مطابقته لأحكام معاهدة دولية هي مسائل مختلفة. فما يشكل خرقا للالتزام تعاهدي قد يعتبر مشروعا في القانون الداخلي ، وما يعتبر غير مشروع في القانون الداخلي قد لا ينجم عنه أي انتهاك للالتزام دولي. وعليه تكييف الفعل الدولي على أنه غير مشروع في القانون الدولي لا يتأثر بتكييفه على أساس المشروعية وفقا للقانون الداخلي .