طرق وضع الدستور، تعديله، وإنهائه
3. طرق إنهاء الدستور
3.2. الطرق غير العادية لإنهاء الدستور
هي الطريقة التي يمارس فيها لإلغاء الدستور وإنهائه الضغط والإكراه غير السلميين، بل وقد يصل الأمر إلى حد استعمال القوة والعنف أو التهديد باستعمالهما. وعليه، فعملية إنهاء الدستور في هذه الحالة تتم في ظروف غير عادية ونتيجة لأساليب غير قانونية.
ومن بين أهم الطرق غير العادية لإنهاء الدستور، نجــد:
1. الثـورة: يمكن تعريفها بأنها حدث جلل يتولى عادة التخطيط له والإشراف عليه قيادة مهيأة لاستلام زمام الحكم في البلاد في حالة نجاحها، ولأجل تحقيق ذلك تلجأ بما لها من وسائل إلى إثارة الشعب (أو معظمه) ضد النظام القائم لإسقاطه وتغييره تغييرا جذريا، وهذا كله بهدف إقامة نظام جديد في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعليه، فالهدف من الثورة ليس تعديل أو إصلاح النظام القائم وإنما القضاء عليه وإحلال نظام آخر كبديل له. ولذلك فمن الطبيعي جدا أن يؤدي نجاح الثورة إلى إنهاء الدستور القائم وإسقاطه في التطبيق بشكل آلي دونما الحاجة إلى وجود نص يدل على ذلك. ومن أمثلة الثورات في العالم: الثورة الروسية 1917، الثورة المصرية 1952، والثورة الإيرانية 1979.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد إلى جانب الثورة ما يعرف بالانتفاضة أو التمرد الشعبي، والذي يتميز في الغالب بكونه فجائي وغير متوقع، وبكونه غير مؤطر أو مهيكل على الأقل في بداياته التي تكون عادة في شكل احتجاج على مشاكل محددة ثم يتطور الاحتجاج إلى تمرد وقد يتحول إلى ثورة مما قد يؤدي إلى الرفع في سقف المطالب الشعبية التي يمكن أن تصل إلى الدعوة بتعديل النظام القائم كليا أو جزئيا. أبرز أمثلتها في الجزائر هي أحداث أكتوبر 1988. كما ويمكن اعتبار ما عرفته مؤخرا بعض الدول العربية كتونس ومصر من هذا القبيل.
2. الانقلاب: وهو عبارة عن عمل يقوم به ذوو النفوذ في السلطة، مدنية كانت أم عسكرية، لإجبار متولي الحكم (والجناح المحسوب عليه) على التنحي بشكل أو بآخر. وفي الواقع إن الانقلاب عادة ما يرتبط بالخيانة واستعمال الإكراه المستند إلى القوة بكل معانيها (قوة السلاح، قوة الحزب، قوة المال، قوة الإعلام، قوة التاريخ، قوة الدعم الخارجي...) وبالتالي، فالانقلاب لا يعتمد في بدايته ومضمونه على الشعب، وإن كان يعمل فيما بعد إلى محاولة كسب وده حتى يحظى بالشرعية، ومن ثم يتمكن القائمون به من البقاء في السلطة والاستمرار في ممارستها. وفيما يخص أثر الانقلاب في إنهاء الدستور القائم، فإن نجاح الانقلاب وعلى خلاف الثورة لا يؤدي بالضرورة إلى إسقاط الدستور وإنهاء العمل به، وإنما يتوقف الأمر على موقف الحكام الجدد منه، وإن كان في الغالب هذا الدستور يعد ملغا بقوة الواقع.
وللإشارة، فإن الأصل في إنهاء الدستور أنه يؤثر في طبيعة النظام السياسي ومؤسساته، وليس في وجود الدولة وبقائها إلا في حالات نادرة أين يكون له تأثير، وهذا إذا تعلق الأمر مثلا بإنهاء الدساتير الاتحادية التي هي من مقومات الدول الفيدرالية ولازمة لاستمرارها