ركن التراضي
4. رابعا- توافق الإرادتين
سبق القول بأن العقد لا يتم الإ بتبادل الطرفين التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين، فالتراضي بين المتعاقدين يتم بصدور ايجاب عن أحدهما وصدور قبول مطابق له من طرف الثاني، لذا سوف ندرس الايجاب ثم القبول ثم كيفية اقتران القبول بالإيجاب في مجلس عقد واحد و في حال التعاقد بين غائبين.
أ- الإيجاب
1- تعريف الإيجاب
الإيجاب هو تعبير بات ونهائي عن الإرادة، يعرض من خلاله شخص يسمى الموجب على شخص أخر أو أشخاص آخرين التعاقد وفق شروط وأسس معينة من اجل الحصول على قبول لهذا العرض فينشأ العقد.
ولا يشترط في الايجاب أن يوجه إلى شخص معين بالذات حيث يصح أن يوجه إلى أشخاص غير معينين، كالايجاب الموجه إلى الجمهور عن طريق النشرات والإعلانات ، أو عن طريق عرض البضائع باسعارها في واجهات المحلات التجارية.
ويشترط لاعتبار التعبير عن الإرادة ايجابا مايلي:
أن يكون التعبير عن الإرادة بات ونهائي : أي ينطوي على رغبة الموجب في الألتزام قانونا متى قبل الطرف الثاني الشروط المعروضة عليه .
أن يتضمن التعبير عن الإرادة طبيعة العقد المراد إبرامه مع من وجه إليه الإيجاب أي بيان ما إذا كان الموجب يريد التعاقد بالبيع أو الايجار أو المقاولة ...
أن يتضمن التعبير العناصر والشروط الأساسية في العقد المراد ابرامه فمثلا عقد البيع يجب أن يتضمن التعبير عن الإرادة الشيء المبيع والثمن ، واذا كان عقد ايجار يجب أن يتضمن العين المؤجرة ، الأجرة، ومدة الإيجار....
و يترتب على عدم توفر شرط من الشروط السابقة عدم صلاحية التعبير عن الإرادة لاعتباره ايجابا حيث يعتبر فقط مجرد دعوة للتعاقد .
-الإيجاب الملزم:
إذا كان الأصل أن الموجب لا يلتزم بالبقاء على ايجابه حيث له أن يعدل عنه في أي وقت شاء طالما لم يقترن بقبول من وجه إليه، أي طالما كان هذا العدول قد تم في الوقت المناسب ، فانه استثناءا من ذلك وطبقا للمادة 63 ق م يمكن أن يصدر الايجاب ملزما للموجب ، وهذا في حالة ما إذا عين الموجب ميعاد لإعلان القبول، حيث لا يملك الموجب العدول عن ايجابه خلال هذا الميعاد، وأساس هذا الإلتزام هو الإرادة المنفردة للموجب، وبالتالي إذا صدر قبول خلال هذه المدة انعقد العقد ولو أعلن الموجب عدوله عن ايجابه.
ويمكن أن يحدد هذا الأجل صراحة كمن يعرض بيع منزل بثمن معين إذا رغب في ذلك خلال شهر أو ضمنيا فيستخلص من ظروف التعامل أو من طبعتيه ومن أمثلة ذلك الايجاب في المناقصات، والبيع بشرط التجربة....
2- أثر الإيجاب:
يترتب على صدور الايجاب ملزما كان أو غير ملزم صلاحيته لأن يقترن به قبول عند اتصاله بعلم من وجه إليه طبقا للمادة 61 ق م ، وعليه للموجب حق العدول عن ايجابه إذا لم يكن ملزما قبل وصوله إلى علم من وجه إليه أي خلال مرحلة الوجود المادي له ، وعليه إذا اقترن به قبول انعقد العقد، أما إذا لم يصادفه قبول سقط.
3- سقوط الايجاب:
1-سقوط الإيجاب غير الملزم: يسقط الايجاب غير الملزم في الأحوال التالية:
إذا رجع فيه الموجب قبل أن يقترن به قبول.
إذا رفضه من وجه إليه ، ويعتبر رفضا للايجاب أيضا القبول الذي يصدر معدلا للايجاب بالزيادة أو الانقاص.
2-سقوط الايجاب الملزم:
إذا رفضه من وجه إليه الايجاب
إذا انقضت المدة المحددة صراحة أو ضمنيا للقبول .
ب- القبول
1-تعريف القبول
القبول هو التعبير البات والنهائي عن إرادة الطرف الذي وجه إليه الايجاب المتضمن الموافقة على ما عرض عليه من قبل الموجب حيث بصدور القبول مطابقا للايجاب وعلم الموجب به ينعقد العقد.
ويشترط لإعتبار التعبير عن الإرادة قبولا ما يلي:
- يجب أن يكون التعبير باتا ونهائيا.
- أن يأتي القبول مطابقا للايجاب تمام المطابقة في جميع العناصر دون زيادة او نقصان .
- أن يصدر القبول قبل سقوط الايجاب .
هذا ويكون التعبير عن القبول صريحا أو ضمنيا كما يمكن أن يستخلص من مجرد السكوت خلافا للايجاب وهذا إذا لابسته ظروف ترجح افتراض القبول من مجرد السكوت انظر للمادة 68 ق م .
2- اقتران القبول بالإيجاب:
لا ينعقد العقد الا إذا اقترن القبول بايجاب قائم اقترانا تاما بحيث يجب أن يأتي مطابقا له في جميع المسائل التي تضمنها حتى ولو كانت ثانوية فكل تعديل للايجاب ولو كان طفيفا اعتبر رفضا له مما يؤدي إلى سقوطه و اعتبار هذا القبول ايجابا جديدا يحتاج إلى قبول مطابق له ممن عنه الايجاب الأول لانعقاد العقد.
ويجب أن يأتي القبول مطابقا للايجاب في النقاط التالية: طبيعة العقد، المسائل الجوهرية في العقد ، المسائل الثانوية.
واقتران القبول بالايجاب على النحو السالف الذكر قد يكون بين شخصين يجمعهما مجلس واحد وهو ما يصطلح عليه بالتعاقد بين حاضرين وقد يكون بين شخصين لا يجمعهما مجلس واحد وهو ما يصطلح عليه بالتعاقد بين غائبين.
أ-التعاقد بين حاضرين :
يعتبر التعاقد قد تم بين حاضرين إذا صدر الايجاب إلى شخص حاضر بمكان تواجد الموجب، بحيث يكون الوقت الذي يصدر فيه التعبير عن الإرادة هو نفسه الوقت الذي يحصل فيه العلم بهذا التعبير ، و أيضا يعد التعاقد بين حاضرين كما في حالة التعاقد عن طريق الهاتف أو بأي طريق مماثل ويسمى التعاقد في هذه الحالة التعاقد بين حاضرين حكما لا حقيقة.
ب-التعاقد بين غائبين:
يعتبر كذلك إذا كان المتعاقدان لا يجمعهما مجلس واحد حقيقة أو حكما بحيث تمر فترة زمنية بين صدور التعبير عن الإرادة والعلم بها، و المتعاقدان لا يجمعهما لا مكان واحد ولا زمان واحد، وهنا يطرح اشكال تحديد زمان ومكان انعقاد العقد ، فهل يعتبر العقد منعقدا من وقت صدور القبول وفي مكان تواجد القابل أم أن وقت علم الموجب بالقبول وفي مكان تواجد الموجب ام غير ذلك؟
لأجل تحديد زما ومكان انعقاد العقد في حال التعاقد بين غائبين ظهرت أربع اتجاهات مختلفة ، أما المشرع الجزائري و طبقا للمادة 67 ق م يعتبر التعاقد بين غائبين قد تم في الزمان والمكان الذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ما لم يوجد نص في القانون أو اتفاق يقضي بغير ذلك، ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان والزمان الذين وصل إليه فيهما القبول.
من بين الصور الخاصة لتوافق الإرادتين : التعاقد بطريق العربون والوعد بالتعاقد.