المحاضرة الثالثة
1. التزويد واجراءاته
إن المكتبة باعتبارها منظمة وثائقية تعمل وفق مراحل مترابطة تسمى بالسلسلة الوثائقية، ولا تختلف مكوناتها عن حلقات النظام المعروفة: مدخلات، معالجة ومخرجات، فمدخلات المكتبة تتمثل أساسا في عملية التزويد ومختلف مراحلها وطرقها، أما المعالجة فتمثل مختلف العمليات الفنية التي يتم تطبيقها لتنظيم مصادر المعلومات ومعالجتها بالأساليب العلمية، فيما تتضمن مرحلة المخرجات كل أنواع الخدمات التي تقدمها المكتبات لمجتمع المستفيدين، وفي هذه المحاضرة سنتعرف على أهم العمليات الفنية في المكتبات ومراكز المعلومات.
1- التزويد في المكتبة:
يقصد بمجموعات المكتبة مصادر المعلومات المختلفة او المواد والموارد الوثائقية التي تتضمنها المكتبة، وتعمل على تنميتها وتنظيمها باستمرار، أما تكوين مجموعات المكتبة أو ما يعرف بالتزويد هو: "توفير مصادر المواد المكتبية المختلفة والمناسبة للمكتبة أو مركز المعلومات من خلال الطرق المختلفة... وذلك من أجل اغناء وتطوير مقتنياتها ومجموعات بهدف تقديم خدمات مكتبية ومعلوماتية أفضل للمستفيدين"[1] فيتم وفق مراحل وطرق محددة تسمح بتوفير مصادر المعلومات تناسب مجتمع المستفيدين من المكتبة، على هذا الأساس سنتطرق فيما يلي لأهم هذه المراحل والطرق التي تتبعها أي مكتبة في تكوين رصيدها الوثائقي:
أ- دراسة احتياجات المستفيدين:
تعتبر دراسة احتياجات المستفيدين احدى أهم المراحل في عملية التزويد، وحلقة أساسية في السلسلة الوثائقية، لأن توفير مصادر المعلومات المناسبة لمجتمع المستفيدين مرهون بمدى توفير المكتبة لاحتياجاتهم الفعلية ومدى اشباعها لرغباتهم، ولهذا "يمكن للمكتبات ومراكز المعلومات التعرف على ثلاث طرق أساسية هي: الملاحظة المباشرة، المقابلات الشخصية والاستبيانات، تحتاج هذه المؤسسات الى معرفة حجم المجتمع وخصائصه"[2] يمكن من خلال هذه الطرق فهم الاتجاهات والميول القرائية للمستفيدين، وأيضا معرفة مواطن الضعف والنقص في مواد المكتبة، وبعد جمع المعلومات الضرورية عن المستفيدين واهتماماتهم، يتم تنظيمها لأخذها بعين الاعتبار في عملية تزويد المكتبة بمصادر معلومات جديدة.
ب- اختيار (انتقاء) مصادر المعلومات:
لا يمكن لأي مكتبة أن أنو توفر كل ما ينشر بشكل دائم على مصادر المعلومات المختلفة، نظرا لضخامة الانتاج الفكري المنشور وتطور مصادر المعلومات وتعددها، لهذا كانت عملية الاختيار هي الحل الأنسب من أجل توفير القدر الكافي من احتياجات المستفيدين، لهذا فإن عملية الاختيار تساعد المكتبة في:
- تحديد نوعية وشكل مصادر المعلومات المطلوبة.
- وسيلة فعالة في توفير احتياجات المستفيدين.
- التحكم الجيد في الميزانية وترشيد نفقات التزويد.
- توضيح الاجراءات المناسبة والتحكم في طرق التزويد.
- تحقيق رضا المستفيد وتغطية التخصصات العلمية المختلفة.
تتم عملية الاختيار من خلال الاختيار المباشر بزيارة معارض الكتب أو المكتبات التجارية ودور النشر والإطلاع على مصادر المعلومات المختلفة، أو من خلال الاختيار غير المباشر بالإطلاع على مقترحات القراء ومعلوماتهم عن المواد الجديدة، أو القوائم البيبليوغرافية المختلفة للناشرين وموزعي وتجار الكتب ومصادر المعلومات، فهارس المكتبات الأخرى ...[3] كما يمكن الاستفادة من خدمات الانترنت في عملية الاختيار بالإطلاع على قواعد المعلومات، مواقع ويب الناشرين والمواقع المختلفة لمعرفة جديد النشر والتأليف.
ت- تحديد طرق التزويد:
بعد تحديد احتياجات مجتمع المستفيدين، واختيار مصادر المعلومات، يتم اختيار احدى طرق التزويد وتنمية مجموعات المكتبة، ومن أهم طرق التزويد المعورفة في المكتبات ومراكز المعلومات مايلي:
- الاقتناء (الشراء):
تعتبر أهم طرق تزويد المكتبات بمصادر المعلومات المختلفة وتتم بعد الاختيار ثم الاتصال بالناشرين وموزعي مصادر المعلومات والتفاوض بغرض شراءها وتسديد ثمن الطلبية، وهذه العملية تختلف اجراءاتها من بلدا لآخر، في الجزائر يتم اختيار المواد المكتبية ولإكمال اجراءات الاقتناء غالبا يتم بفتح استشارة (طلب عروض) حسب قانون الصفقات العمومية.
- الاهداء والاستهداء:
تشكل الاهداءات مصدرا هاما لتنمية مقتنيات المكتبة فهو لا يقل أهمية عن الشراء؛ حيث استطاعت كثير من المكتبات تطوير مجموعاتها المكتبية من خلال الإهداءات التي تتلقاها، ومن فوائد هذه الطريقة:
- تخفيض أعباء كبيرة من ميزانية المكتبة.
- تنمية مجموعات المكتبة بمصادر قد يصعب اقتناؤها.
- توطيد علاقات التعاون مابين المكتبات والأفراد والمؤسسات المختلفة.
والإهداء هو أن يقدر شخص ما أو مؤسسة ما للمكتبة مواد مكتبية بشكل مجاني ، أما الاستهداء فهو أن تطلب المكتبة من شخص أو هيئة تزويدها بمواد مكتبية على سبيل الاهداء.[4]
- التبادل:
هو "اتفاق أو تعاقد مكتوب ما بين مكتبتين أو أكثر يتم من خلاله تبادل مواد مكتبية دون تعاملات مالية"[5] ويكون التبادل غالبا لمجموعات مكتبية فيها العديد من النسخ بمجموعات مهمة في تخصص معين أو العكس، وهذه الطريقة تسمح للمكتبة بتوفير مصادر معلومات ضرورية دون اقتناء لفترات زمنية يتم تحديدها في الاتفاقية التي تجمع المكتبتين، فالتبادل يساهم في تلبية حاجات المستفيدين وتخفيض التكاليف المالية للمكتبة.
- الايداع القانوني والمؤسساتي: وهو مصدر أساسي لتزويد المكتبات الوطنية بمصادر المعلومات؛ حيث تضع الدولة قوانين تلزم فيها الناشرين والمؤلفين بايداع نسخ مجانية من مؤلفاتهم الجديدة بغرض حصر الانتاج الفكري الوطني والتعريف به وحمايته، اما الايداع المؤسساتي فيتم بموجبه جمع المؤلفات العلملية الأكاديمية في مختلف الجامعات، من خلال الزام الباحثين بايداع نسخ من رسائلهم وأطروحاتهم في المكتبة الجامعية وهو مصدر وطريقة لاثراء وتنمية مجموعات المكتبة الجامعية.