فلسفة نظرية الكوانتم
8. مدرسة كوبنهاجن
تُعرف مدرسة كوبنهاغن على أنها جماعة من الفيزيائيين (هايزنبرغ،بوردان،....) تجمعت حول نيلز بور بمعهد الفيزياء النظرية في كوبنهاجن في العشرينات وأوائل الثلاثينات من القرن الماضي،وقدمت تفسيرا فلسفيا لنظرية الكوانتم متأثرا إلى حد ما بالفلسفة الوضعية.
لقد أدى تطور النظرية النسبية والنظرية الكوانتية وما يستوجبه من إعادة النظر في عدد من المفاهيم الفلسفية المتعلقة بالعلم كالسببية والحتمية والقانون وغيرها،وما طرحته من إشكالات تمس أسس العلم مثل:ماهي النظرية العلمية؟وكيف تبنى؟وكيف ترتبط بالواقع العلمي والتجربة؟.....الخ.
ظهر الإتجاه الفلسفي الذاتي في مدرسة كوبنهاجن في البداية لفهم العلاقة بين الذات والموضوع فهما وحيدا الجانب وذلك باختفاء الحدود بين الذات والموضوع،حيث أنكر الصفة الواقعية الموضوعية للشيء الفيزيائي الكوانتي مثل الإلكترون نكرانا كليا أو جزئيا،كما رفضت الحتمية استنادا إلى الصفة الإحصائية لقوانين الميكانيك الكوانتي،حيث أبرز بور وبوردان أهمية القوانين الإحصائية منتقدين بذلك أينشتاين الذي اعتبرها حلا مؤقتا.
تقوم مدرسة كوبنهاجن على جملة من الأفكار والآراء هي:
-لا يمكن الفصل فصلا واضحا بين الراصد سواء تعلق الأمر بالإنسان أو بالجهاز وبين المرصود،أي بين الذات والموضوع،وأن المرصود ليس له واقع موضوعي مستقل عن الراصد فلا يمكن أن توجد فيزياء موضوعية ،فالفيزياء الذاتية لا تعالج بنية الذرات بل أحداثا نحس بها عن الرصد ،وليس من الممكن جعل الرصد عملية موضوعية،ولا يمكن اعتبار نتائجه شيئا واقعيا بصفة مباشرة.
-قوانين الميكانيك الكوانتي تعني اللاحتمية واللاسببية في العالم الميكروسكوبي ،واللاحتمية تعني أنه علينا التخلي عن موضوعية العالم ،فالإلكترون مثلا لا يوجد كجسيم حقيقي عند نقطة في الحيز إلا إذا رصدناه مباشرة.
-لم تعد التفرقة بين الذات والموضوع محددة أو دقيقة،والدقة الكاملة يكمن أن نتوصل إليها فقط إذا أدمجنا الذات مع الموضوع في وحدة واحدة.