شروط اكتساب صفة التاجر
2. شروط اكتساب صفة التاجر
2.1. امتهان الأعمال التجارية
الفرع الأول: امتهان الأعمال التجارية
المقصود بالامتهان توجيه النشاط نحو القيام بالأعمال التجارية بصفة منظمة ومستمرة قصد إشباع حاجات ذاتية لمن يمارسها أي أن الشخص يباشر هذه الأعمال على سبيل الارتزاق أو كوسيلة للكسب والامتهان يتطلب تكرار العمل.
أ- محل الامتهان: هو الأعمال التجارية لكن ليست كلها بل الأعمال التجارية بحسب الموضوع فقط (الأعمال التجارية المنفردة وبحسب المقاولة) هي فقط التي تكون حملا للامتهان دون الأعمال التجارية بحسب الشكل والأعمال التجارية بالتبعية، لكون هذه الأعمال لا يمكن لها أن تمنح لمن يمارسها صفة التاجر لأنه لا تصلح كوسيلة للارتزاق بل هي وسيلة في حد ذاتها وليست هدفا، كما أن امتهان الأعمال المدنية لا يكسب صاحبها صفة التاجر كالمحامين والأطباء ويشترط في الامتهان أن يكون محله مشروعا وإلا كان باطلا لمخالفته للنظام العام والآداب العامة.
كما يشترط أيضا أن يقوم الشخص بامتهان الأعمال التجارية باسمه ولحسابه الخاص وأن يكون مستقلا عن غيره في مباشرة هذه الأعمال، إذ يتحمل نتائجها من أرباح وخسائر، وعليه إذا قام الشخص بالأعمال التجارية باسم ولحساب تاجر آخر، فإنه لا يعتبر تاجرا كما هو الحال بالنسبة لأعمال النائب أو الوكيل، وهو الذي يعمل باسم ولحساب الأصيل وليس باسمه وليس لحسابه، لذا فهو لا يكتسب صفة التاجر لأن اسمه لا يظهر في التعامل، كما أن الغير يعلم أنه لا يعمل لحسابه وإنما يعمل لغيره، أما بالنسبة للوكيل بالعمولة وهو الذي يعمل باسمه الخاص ولكن لحساب غيره، فحسب الرأي الراجح في الفقه فإن الأصيل هو من يكتسب صفة التاجر، غير أن الوكيل بالعمولة إذا قام بهذه المهنة على سبيل الامتهان فإنه يكتسب صفة التاجر.
أما بالنسبة للتاجر الظاهر والتاجر الخفي، فإن الشخص الذي يمارس التجارة مستترا وراء شخص آخر تحايلا على بعض القوانين التي تمنعه من ممارسة الأنشطة التجارية مثل القضاة والمحامين، فذهب رأي إلى القول بأن الشخص المستتر هو الوحيد الذي يكتسب صفة التاجر لأن العمل تم لحسابه وبأمواله دون الشخص الظاهر، وذهب رأي آخر إلى إضفاء الصفة التجارية على كليهما لأن الأول يتم التعامل لحسابه وبأمواله والثاني يتم التعامل باسمه، وحماية للغير حسن النية فكلاهما يخضعان لالتزامات التجار منها أساسا الخضوع لنظام شهر الإفلاس في حالة ما إذا عجز أحدهم عن تسديد الديون المترتبة عن هذه التجارة وكذا علهم دفع الضرائب.
ب- تقدير الامتهان وأدلته: إن تقدير ما إذا كان الشخص ممتهن للأعمال التجارية وغير ممتهن واستخلاص القرائن الدالة على ذلك تعتبر من المسائل الموضوعية التي يختص بها قاضي الموضوع وله في ذلك مطلق الحرية ولا رقابة عليه في ذلك من طرف المحكمة العليا، ومن بين الأدلة التي يمكن للقاضي الاعتماد عليها ما استقرت عليه المحكمة العليا في بعض قراراتها باعتبار الامتهان قائما في حالة ما إذا كان الشخص يمتلك محلا تجاريا أو في حالة ما إذا كان الشخص مقيدا في السجل التجاري، وعلى العموم لإثبات توفر عنصر الامتهان يجب أن يتحقق القاضي من قيام الشخص فعلا بممارسة الأعمال المنسوبة إليه، ويجب عليه أن يبحث في مدى تجارية هذه الأعمال، أن يبحث في مدى توفر عنصر الامتهان.
ت- بداية ونهاية الامتهان: يبدأ الامتهان بمباشرة الأعمال التجارية بطبيعتها فعلا أي بمزاولة أول عمل تجاري بطبيعته مع وجود نية التكرار والاعتياد أي نية القيام بهذه الأعمال بصورة مستمرة ومتكررة وبشكل مستقل وهي نية مستقبلية، ولقد حدد المشرع الجزائري مدة الامتهان في المادة 22 من القانون التجاري، حيث ألزم بالقيد في السجل التجاري كل شخص يمارس نشاطا تجاريا لمدة شهرين مما يدل على توفر عنصر الامتهان بمرور هذه المدة.
أما الأعمال التحضيرية التي يقوم بها الشخص قبل بداية الأنشطة التجارية مثل إنشاء المحل التجاري وتجهيزه هي في الأصل أعمال مدنية لكنها تتحول إلى أعمال تجارية بالتبعية لأنه يقصد من ورائها ممارسة التجارة وبذلك لا تكون هذه الأعمال محل امتهان وبالتالي لا تكسب القائم بها صفة التاجر.
وينتهي الامتهان بتوقف التاجر تماما عن ممارسة النشاط التجاري بسبب الوفاة مثلا أو الإفلاس أو المرض المزمن أو برغبته في ذلك على أن يقوم في هذه الحالة الأخيرة بشطب نفسه من السجل التجاري
ولفهم هم فكرة الاستقلالية في امتهان الأعمال التجارية استعن بشريط الفيديو التالي