أنواع النماذج الاتصالية
1. التطور التاريخي للنماذج الاتصالية
لم تكن نماذج الاتصال بالمفهوم الحالي كما كانت في أذهان العلماء في العصور السابقة، إلا أن تكوينها أو تصورها كان موجودا في آرائهم ونظرياتهم حيث اهتم بعضهم بالاتصال وأثره في الناس فأفلاطون كان يرى أن المجتمع وحدة متكاملة تشبه الجسم الإنساني، ولقد وضع نموذجا للدولة المثالية ووضع نموذجا للتقسيم الاجتماعي داخل الدولة الواحدة،
كما يعتبر أرسطو من الفلاسفة الذين اهتموا بالعملية الاتصالية اهتمام ا كبريا يف تأسيسه لفن الخطابة، إذ يرى أهنا القدرة على النظر يف كل ما يوصل إلى الإقناع في أية مسألة من المسائل، بل يقسم الاتصال إلى ثلاثة عناصر: الخطيب، والجمهور، والخطبة. مما يجعل هذا النموذج من النماذج الأولى في دراسة الاتصال، إلا أنه نموذج قاصر لافتقاره لعنصري الوسيلة ورجع الصدى واهتمامه أكثر بفن الخطابة (الرسالة) ومهارات الاتصال لدى الخطيب (المرسل)، فهو نموذج يتفق فقط مع التطور الاجتماعي آنذاك. وظهرت بعدها نماذج بسيطة في وصف العملية الاتصالية قبل ظهور عملية الاتصال، وذلك مثل نموذج "ابن خلدون" في وصفه للعملية الروائية حيث يرى أن الناقلين الأخصائيين لا يعرفون القصد مما عاينوا أو سمعوا وينقلون الخبر على ما في ظنهم وتخمينهم فيقعون في الكذب في كثير من الأحيان. كما يرى أهمية مناقشة الرسالة في ذاتها للوقوف على مدى اتفاقها مع طبيعة الأمور والظروف والملابسات التي يحكيها الراوي (المرسل) ومناقشة مادة تلك الرسالة (الرواية)، وأوجب ابن خلدون كذلك على المستقبل التأكد من أمانة الراوي وسلامة ذهنه وعقيدته ومتانة خلقه وقيمته الشخصية. هذا فيما يخص الفترة الكلاسيكية القديمة،
أما في بدايات القرن العشرين بعد تطور الإعلام المطبوع واكتشاف المذياع تأسس فعلا علم الاتصال خاصة بتطور وسائل الإعلام الجماهيرية خاصة في أواخر الأربعينات أين اتسع مجال الاتصال اتساعا كبيرا، حيث بادر العدد من علماء الاجتماع والسلوكيون من علماء النفس وذلك بدراسة أسس الاتصال غير اللفظي وعلم اتصال الإشارات، الإقناع في الرسالة والتأثير الاجتماعي، طبيعة الاتصال الجماهيري والسلوك الانتخابي...إلخ ومع نهاية الخمسينات ظهرت عدة كتابات مهدت لظهور وجهات نظر في الاتصال أكثر ترابطا وتكاملا وهي من النقلات النوعية في المجال وهو ظهور أول نموذج لتحليل العملية الاتصالية لـ "هارولد لاسويل" عام 1948 والذي يتلخص في العبارة الآتية: من يقول؟ لمن؟ بأي وسيلة؟ وبأي أثر؟.
ثم تلاه نموذج "شانون" و"ويفر" عام 1949 وظهور مصطلح الضوضاء، نموذج ولبر شرام عام 1954، و "وستلي" و "ماكلين" عام 1955، فنموذج "جربنر" عام 1956.
والنماذج الأولى التي ظهرت كانت بسيطة فهي تصف فقط العملية الاتصالية بأنها تتمثل في مجرد قيام المصدر بتكوين الرسالة ونقلها إلى المستقبل فيما يعرف بالشكل SMCR :
لقد أسس لعلم الاتصال بشكل واضح في الستينيات من القرن 20 أين تطورت الدراسات للعملية الاتصالية في شكل النماذج الآتية: نموذج بيرلو 1960، نيوكمب 1961، نموذج دانس ونموذج واتز لاويك وجاكسون عام 1967.
أما في السبعينيات، فلقد شهدت بحوث الاتصال عامة والاتصال الجماهيري خاصة، مثل دراسات الاتصال السياسي نقطة واضحة للتحول فينا يخص بنماذج الاتصال وهو ما يصفه Chaffe عالم 1980 بالتحول من النموذج الإقناعي إلى النموذج الصحفي، في حين توجه النماذج الإقناعي لتقييم ممارسات الاتصال على أساس فاعليتها في تعبئة الجماهير وتحريكها، نظر النموذج الصحفي إلى دور وسائل الإعلام كأداة لتزويد الجمهور بالمعلومات اللازمة هلم في عقد اختياراتهم حول الشؤون والقضايا الهامة بمعنى أن هذه الفترة شهدت عدة تحولات مهمة :
- تطور تكنولوجيات الاتصال بشكل واضح.
- تطور لنماذج الاتصال (الشكل الحلزوني التفاعلي).
- ظهور واضح لنماذج الاتصال الجماهيري.
- قيام وسائل الإعلام بدور رئيسي في تزويد الجماهير بالمعلومات.
وكما ذكرنا سابقا فلقد تطورت نماذج الاتصال من الشكل الأحادي أو الخطي إلى الشكل الحلزوني، أصبح النظر إلى الاتصال على أنه العملية التي من خلالها يقوم الفرد بإيجاد البيانات ويستخدمها ليحقق التوافق والاعتيادية مع البيئة .