التوسع والمواجهة في جنوب غرب آسيا

3. الحروب البيلوبونيزية

بدأت الحرب في عام 431 ق.م واستمرت حتى عام 404 ق.م تخللتها فترة هدنة استمرت بين 421 و 414 ق.م وهي الفترة التي ساد فيها صلح نيكياس، وكانت هذه الحرب بمثابة حرب أهلية اشترك فيها كل العالم الإغريقي ودارت معاركها في البحر وعلى البر.
وقد بادرت المدن والجزر الإغريقية – عندما أصبحت الحرب الشاملة على وشك الوقوع- أقول بادرت إلى تحديد هويتها وأخذت  تعلن نصرتها لأحد الفريقين، وعند اندلاع القتال كانت اسبرطة ومعها كافة مدن البيلوبونيز فيما عدا أرجوس زإقليم أخايا في الشمال والإقليم الأخير أثر البقاء على الحياد، كما كانت تتمتع بتأييد كورنثا وميجارا وكذلك تعاطفت معها طيبة عاصمة إقليم بيوتيا في شمال أتيكا وأيدها إقليم لوكريس و فوكيس الواقعتين في شمال غرب بيوتيا وبذلك قطعت
.اسبرطة الطريق على أثينا من ناحية الشرق
لمرحلة الاولى

بدأت المعارك في ربيع 431 ق.م بهجوم ليلي شنته طيبة على بلاتيا ولكن أعل بلاتيا استطاعوا طرد المهاجمين واستعدوا لمواجهة حصار يضرب عليهم، أما اسبرطة فقد حركت جيوشها حتى وصلت إلى منطقة دكيليا على بعد 20 كلم من أثينا وذلك في ربيع عام 431 ق.م وكانت القوات الاسبرطية تحت قيادة الملك أرخيداموس، نجحت القوات الاسبرطية في حرق واتلاف المزروعات والأشجار في اتيكا بينما كان الأثينيون داخل أسوارهم المحصنة يتميزون غيضا بسبب هذه الخسائر ومضى العام الأول للحرب كئيبا بالنسبة للأثينيين بل وأصاب الاسر كثيرا من الانحلال الخلقي الذي أصاب الرومان أثناء حروبهم مع هانيبال، وقد تعرض بريليكس لهجوم أعدائه السياسيين الذين تجمعوا للإطاحة بحكمه، أما العام الثاني للحرب فقد بدأ بهجوم قوات البيلوبونيز على أراضي أثينا وردت هذه بهجوم بحري على شواطيء البيلوبونيز تماما مثل ماحدث خلال العام الأول، ولكن تميز العام الثاني بانتشار وباء في أثينا يرجح بأنه الطاعون وقد ساعد عن انتشار الوباء تكدس السكان في المدينة والظروف السيئة التي كانوا يعيشون فيها، وسقط ثلث سكان أثينا تقريبا صرعى بسبب هذا الوباء وكان من بين الذين ماتوا بالوباء ابني بريليكس فعم القنوط واليأس فس قلوب أبناء أثينا.

وفي عام 425 ق.م استطاع الأسطول الأثيني أن يحقق انتصارا رائعا بانقضاضه على ميسينيا  في الجنوب الغربي من شبه جزيرة البيلوبونيز واحتل مدينة بيلوس وفشلت اسبرطة في طرد الجنود الأثينيين من هناك بل نجح الأثينيون في حصار 400 جندي اسبرطي، وأمام هذه الهزيمة قبلت اسبرطة التفاوض لكي تنقذ جنودها ولكن كليون عمل على افشال التفاوض متهما القواد العشرة_ خاصة نكياس_ بالتخاذل، وقاد المعركة بنفسه بعد أن وعد الشعب بإنهائها لصالحه خلال عشرين يوما فقط، وقد استطاع بمساعدة ديموثينيس أن يأسر الجنود الاسبرطيين وأن يعود إلى أثينا في الموعد الذي حدده، ولذلك استقبلته أثينا استقبالا رائعا، نتج عن هذا الانتصار تزايد نفوذ أثينا حتى أنها زادت قيمة اشتراك حلفائها في نفقات القتال.

اضطرت أثينا نظرا لسوء أوضاعها العسكرية _ أن تدخل في محادثات للسلام، وقد أسفرت محادثات عام 422 ق.م من عقد هدنة لمدة عام دون اشتراط وقف العمليات العسكرية في تراكيا التي اتجه إليها كليون على رأس قواته حيث حرر توروني ولكنه سقط قتيلا هو وقائد الاسبرطيين براسيداس في معركة أمفيبولس.

هيأ مقتل الزعيمين فرصة نادرة للسلام وجاءت المبادرة من ثرى أثيني تولى منصب القيادة من قبل يدعى نكياس.

استطاع هذا الرجل التوفيق بين أثينا وإسبرطة وعقدت معاهدة سلام بينهما في عام 421 ق.م ونصت على أن يحتفز كل من المتحاربين بالأراضي التي يحتلها وقت توقيع الإتفاقية مع بعض الإستثناءات وأن يتبادل الطرفان الأسرى، وقد وقعت أثينا واسبرطة على إثر ذلك على معاهدة دفاع مشترك مدتها خمسن عاما، لقد كانت نتيجة الجولة الأولى من الحرب لصالح أثينا بصورة عامة فلقد صمدت للوباء وللأزمات الاقتصادية التي واجهتها أثناء الحرب.

المرحلة الثانية:

ولدت معاهدة نكياس ميتة فقد تمت لصالح أثينا واسبرطة وحدهما دون حلفائهما مما أدى إلى بعض الثورات في نطاق الحلف البيلوبونيزي فثارت أرجوس وأليس ومانتيميا وسرعان ما كون حلفاء ابرطة حلفاء برعاية كورنثا أبعدوها عنه، أما الجانب الأثيني فقد تزعم نيكياس يؤيده ملاك الأراضي تيارا سلميا ولكن فئة أخرى من الأثينيين اعتبرت المعاهدة انتصارا لاسبرطة وكان يتزعم التيار الأخير نجم السياسة الأثينية الجديد الكبياديس وسرعان ما انقلبت السياسة الأثينية ضد المعاهدة بفعل فريق المعارضة هذا، ولقد تميزت اسبرطة من الغيظ لتدخل أثينا في أرجوس وقامت الحرب من جديد في عام 418 ق.م عندما أرسلت اسبرطة حملة هزمت أثينا في القتال ووقعت اسبرطة معاهدة مع أرجوس.

 وقد انتهت هذه المرحلة بتوجه جيش بري من حلفاء اسبرطة لاحتلال أثينا قاده الملك الاسبرطي بنفسه، ووجد الأثينيون أنفسهم محاصرين برا وبحرا ولكنهم ظلوا يرفضون الاستسلام حتى انتهى مالديهم من مخزون الطعام، عرض الأثينيون الصلح على اسبرطة على أن يبقوا حلفاء لها وعلى أن يحتفظوا بتحصيناتهم العسكرية خاصة الأسوار العالية التي تربط بين أثينا وبيرايوس ولكن عرضهم رفض.

وقد حاول الأثينيون مرة أخرى وجاءوا هذه المرة دون اقتراحات وحضروا مجلس حلف البيلوبونيز حيث استمعوا إلى كلمات مندوبي كورنثا وطيبة محرضين اسبرطة على أن تدمر أثينا تماما، ولكن مندوب اسبرطة ذكر لهم أنهم لا ينون تدمير قطعة عزيزة من بلاد هيلاس وأنهم لن يبيعوا سكانها في أسواق الرقيق فقد قاموا بدورهم في حماية بلاد الإغريق من الغزو الفارسي فيما سبق وأنهم سوف يقبلون انهاء الحرب ÷ذا ماقبلت أثينا هذه الشروط:

- أن تقتصر السيادة الأثينية على إقليم أتيكا  وجزيرة سلاميس فقط.

- أن تزال التحصينات الدفاعية خاصة بين العاصمة والميناء.

-  أن يسلم الأثينيون أسطولهم ماعدا اثني عشرة سفينة.

-  أن يسمح لجميع المنفيين السياسيين بالعودة إلى أثينا.

-  أن يعلن الأثينيون اعترافهم بقيادة اسبرطة لبلاد الإغريق في السلم والحرب وأن تتخذ "نفس الأصدقاء والأعداء مثل اسبرطة".

قيل الأثينيون هذه الشروط في أفريل عام 404 ق.م وانتهت الحروب البيلوبونيزية.

ومن الواضح أن هذا الصلح لم يكن نهاية أثينا ولكنه كان نهاية لإمبراطوريتها.

تحالفات الحرب البيلوبونيسية في 431 ق.م. البرتقالي: الإمبراطورية الأثينية وحلفاء، الأخضر: الكونفدرالية الإسبارطية