التوسع والمواجهة في جنوب غرب آسيا
1. الصراع الفارسي المصري
بدأ قمبيز ملك فارس يهدد بغزو مصر، فاستعد لها وقام بتجهيز معداتها من الرجال والأسلحة وكانت مصر منيعة بحصونها الشرقية ومن الصعب على أي جيش مهاجم اختراق هذه الحدود، فكان من الضروري معرفة أضعف مواقع الحدود لمهاجمتها والتسرب منها، ولقد ذكر المؤرخون الإغريق أن قائدا إغريقيا اسمه فانيس Phanes أرشد مقمة الجيش الفارسي على بعض تلك النقط، فوجهت مدينة البلوزيوم من البحر وتدفقت جحافل الفرس في الصحراء، ثم سقطت مدينة منف في أيديهم، كما وقع الملك بسماتيك أسيرا في قبضتهم، فأرسلوه إلى فارس حيث قضى نحبه وبذلك انتهت أيام الأسرة 26.
اعترف المصريون بقيادة قمبيز ( 525- 521 ق.م ) ملكا عليهم سواء أرغبوا ذلك أم كرهوه، واتخذ ألقاب الفراعنة وشارك المصريين في عباداتهم ومعتقداتهم وقد عرف عنه أنه أرسل حملة للواحات الغربية ولكنها ظلت الطريق وهلكت، ولاقت حملة أخرى لإخضاع النوبة المصير ذاته، ثم عاد إلى وطنه وخلفه داريس ( 521- 486 ق.م ) واتخذ في مصر لقب ( سي توتري ) وكان حاكما حازما متنورا، فأقدم على إعادة فتح الفناة التي تربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وفي آخر سنة حكمه ثار المصريون عليه وأجلسوا على العرش خبيبنتي ( 486- 484 ق.م ) إلى مصر وقضى عليه وأعاد البلاد إلى طاعته، ولما خلفه أتخرشش ( 466- 425 ق.م ) ثار المصريون مرة أخرى بزعامة أحد الأمراء، بيد أن سرعان ما أخمدت الثورة وأعيد الأمن إلى نصابه ويذكر معظم الباحثين أن هيرودت المؤرخ الإغريقي زار مصر في أيامه.
وهكذا توالت على أيام الفرس الأسرات 28، 29، 30، 31 وقد ظهر في أثنائها قليل من الزعماء المصريين ممن توالوا الحكم مددا قصيرة ولم يخلد المصريون إلى السكينة، بل كانوا يواصلون ثوراتهم ضد الفرس فيطردونهم أحيانا ثم يعود الفرس مرة أخرى واستمر الوضع على هذا الاضطراب بين الجانبين إلى أن استطاع الملك تأخوس طردهم من البلاد ثم غزا فلسطين.
وأخيرا جاء داريوس الثالث ( أردشير عند العرب ) فإنه لما تولى العرش ( 336- 332 ق.م ) عزم على استعادة مصر وولايتها في سورية فجمع جيشا كبيرا من المشاة الفرس والإغريق والفرسان ودعمهم بأسطول حربي وسفن للنقل، ثم زحف على صيدا ففتحها خيانة ثم عبر سيناء ووصل إلى بلوسيوم ( الفرما).
كان نقطانب ملك مصر قد أعاد تحصين بلوسيوم ومعظم ثغور مصر، وحشد جيشا قوامه 20000 من مأجوري الإغريق و 20000 من الليبيين و60000 من المصريين، ثم هاجم جيش الفرس، لكنه لم يستطع رده، ومنى ثم عاد نصف جيشه إلى منف فاستطاع الفرس محاصرة بلوسيوم، ورموا اسوارها بالمنجنيق وفتحوا ثغرات فيها واقتحم الجيش الأسوار واستولوا على المدينة ثم انتهت المعركة بضم مصر إلى فارس، وتعرف هذه المعركة بمعركة بلوسيوم الثالثة.