المبادئ التي تقوم عليها الأنظمة السياسية المعاصرة.
3. التعددية الحزبية و النظام الانتخابي الجزائري.
لا يمكن الحكم على دولة ما أنها دولة قانون إلا في ظل التعددية الحزبية، فلا وجود لدولة القانون في ظل الأحادية الحزبية، وعليه نتطرق إلى مضمون التعددية الحزبية وأهدافها ثم نتناول تجربة التعددية الحزبية في الجزائر.
أولا: مضمون التعددية الحزبية
إذا كانت الحرية تفترض الخيار وتقبل الرأي الآخر، فإن المجتمع لا محالة سيكون تعدديا، حيث يصعب قيام دولة القانون في نطاق الأحادية ونظام الحزب الواحد الذي يقوم على الاحتكار والانفراد بالملك، وليس من مفر للنظام السياسي العربي من التعددية السياسية، فهي الطريق الوحيد لحكم القانون وتوازن القوى على الصعيد الاجتماعي. والتعددية رحمة والقبول بها يعني القبول بمبدأ التداول على السلطة بين الأحزاب السياسية، فالديمقراطية باعتبارها تكرس حكم الشعب والسيادة الشعبية تتطلب التعددية السياسية الإيديولوجية Le pluralisme idéologique. فلكي يمارس الشعب حريته السياسية في وضع دستوره واختيار نظامه السياسي والاجتماعي، لابد من وجود إطار من الحرية الفكرية والإيديولوجية، وليس بمجرد رأي واحد وإيديولوجية واحدة مفروضة مسبقا، كما في النظم الماركسية وهذا هو المقصود بالتعددية السياسية.
إن فكرة الأحزاب السياسية قديمة تطورت بتطور مفهوم الدولة والحياة البرلمانية، وما يلاحظ أن جميع التعاريف التي تناولت الأحزاب السياسية تمحورت حول إظهار الإيديولوجية الحزبية من جهة والقوة التنظيمية من جهة أخرى ومن هنا كانت الصعوبة في إعطاء تعريف موحد جامع نظرا لاختلاف العقيدة والمقاصد لكل حزب وتنوع الأدوار التي يقوم بها.
ومن بين التعريفات التي ساقها الفقه للأحزاب السياسية أنها:" مجموعة من الأفراد تجمعهم فكرة معينة تدفعهم للعمل المتواصل في سبيل استلام السلطة أو الاشتراك في السلطة وذلك لتحقيق أهداف معينة.
فمن خلال هذا التعريف يتعين اجتماع أربعة شروط في المؤسسة التي تعتبر حزبا وهي:
-استمرارية التنظيم.
-إقامة علاقة مستقرة على المستوى المحلي والقومي.
-الرغبة في الوصول إلى السلطة وممارستها.
- الاهتمام بالحصول على سند شعبي من خلال الانتخابات.
والتعددية السياسية والحزبية قوتها وقيمتها النوعية ليس في عدد الأحزاب وكثرتها، وإن كان طبيعي أن تقبل المجتمعات التي عانت من ويلات الكبت والانغلاق السياسي على الكثرة الحزبية في مرحلة أولى، فهذا التهافت على الأحزاب هو من قبيل التعطش للنضال السياسي والحرية في التعبير، والأجدر بالمجتمعات ذات الرصيد الحضاري أن تستقر ديناميكية الحياة السياسية فيها على حزبين أساسيين، يميل أحدهما جهة اليمين فيجمع المحافظين وأنصار التراث، ويميل الآخر نحو الشمال فيجمع الليبراليون والمجددين وأهل اليسار. على أن ينشط الحزبين وفقا لأحكام الدستور ويتفقان في الدفاع عن كيان الدولة ومصالحها العليا وثوابتها الأساسية، بهذا تستقيم التعددية ولا بأس أن يوجد إلى جانب هذين الحزبين الأساسيين أحزاب أخرى ثانوية، تكون روافد لها وتختص بالدفاع عن حقوق الأقليات والجمعيات المدنية والخيرية والبيئة الطبيعية والقصر والمعوقين وما إلى ذلك من مرافق اجتماعية وحيوية.
ثانيا: أهداف التعددية الحزبية
كرس الدستور الفرنسي لسنة 1952 لأول مرة فكرة الأحزاب السياسية بصفة رسمية من خلال المادة الرابعة التي نصت " الأحزاب والتجمعات السياسية تتنافس عن طريق الانتخابات، تتكون وتمارس نشاطها بحرية، لابد أن تحترم مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية "، من هذه المادة يتبين أن الأحزاب السياسية تتنافس بالبرامج والمشاريع وتتداول على السلطة عن طريق الانتخاب الحر، إذ يتقدم كل حزب ببرنامجه أمام ممثلي الشعب في البرلمان، فيحوز ثقتهم أو يحرمها وإذا اضطر الأمر يحل البرلمان ويعاد انتخاب ممثلي الشعب، فإذا ما أعيد انتخابهم وأصروا على رفض برنامج الحكومة تحل هذه الأخيرة وتستبدل وهكذا دواليك، إلى أن يتحقق التوازن وتتجلى العبرة من وجود حكم ومعارضة له، تراقبه وتحفزه في نفس الوقت.
أما رئيس الدولة فينتخب عن طريق الاقتراع العام في الجمهوريات، ويتوارث الملك كما تقتضيه أعراف البلاد في المملكات والإمارات، فلا يضر هذا بجوهر دولة القانون ولا يهم من يكون رأس الدولة هل هو ملك أم رئيس إذا نفذ مفعول القانون والدستور في باقي أجهزتها ودواليب الحكم فيها، فإذا التزم الكل بحكم القانون التزم الرأس الذي هو رمزها واستقام مبدأ سمو القانون ليعلو فوق الجميع حكاما ومحكومين. ومثلما هو الحال في تجاربنا الراهنة فإن مصداقية الانتخابات لا تتحقق بسهولة فوق ساحة النضال السياسي، وتستوجب المشاركة الفعلية للمواطنين في دعمهم لمجهود بناء دولة القانون، بالتوعية والمشاركة في التنظيمات المهنية والنقابية والسياسية والنضال من أجل مستقبل مزدهر لأبنائهم.
أ- النظام الانتخابي الجزائري من الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية
إن تبني التعددية الحزبية من قبل نظام سياسي معين بعد أن أعتمد لمدة طويلة الحزب الواحد يكون نتيجة لخلفيات وأسباب متعددة. النظام الانتخابي المطبق في الجزائر منذ 1963 إلى غاية صدور دستور 23/02/1989 كان أداة معدة لتأمين بقاء الحزب الواحد في الحكم، أكثر مما هو وسيلة لضمان ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية في المجتمع. فتكريس نظام منطق الحزب الواحد في الدستورين السابقين ( 1963، 1976) جعل من إجراء الانتخابات عمليات شكلية لا تعبر عن إرادة الناخبين الحقيقية ولا عن الاتجاهات السياسية المختلفة، المتواجدة واقعيا في المجتمع الجزائري. وفي سياق الحزب الواحد كانت الوظائف المختلفة في الأجهزة المركزية أو اللامركزية حكرا على مناضلي جبهة التحرير الوطني، التي انفردت بحق الترشيحات دون منافس والممارسة الفعلية للسلطة على مختلف الأصعدة.
ومما سبق يتضح أن النظام والقانون الانتخابيين في الجزائر خلال النظام القديم لا يمكن أن نضفي عليها الصفة الانتخابية بالمفهوم الدقيق للمصطلح، لفقدانهما العنصر الأساسي، المتمثل في التنافس وهو وحده الذي يجعل حدا فاصلا بين الأنظمة الكلية الأحادية وبين الأنظمة التعددية التي تقبل التنافس بين الأفكار والبرامج والأشخاص.
وقبل أن نتطرق إلى مفهوم الانتخاب في ظل النظام القانوني الجديد، يجدر بنا أن نقف ولو باختصار عند حوادث أكتوبر 1988 والتغييرات السياسية الناتجة عنها.
ب- حوادث أكتوبر 1988 والتغييرات السياسية
تعتبر حوادث 1988 وما نتج عنها، بداية جديدة لإدخال إصلاحات سياسية كانت نتيجتها فسح المجال أمام إنشاء أحزاب سياسية وجمعيات وتدعيم نظام القضاء وحرية الصحافة وتحييد الجيش وإبعاده من الحلبة السياسية نظريا. والأسباب المؤدية إلى حوادث أكتوبر 1988 يمكن إبرازها في نقطتين:
أولا: تدني الوضع الاقتصادي والاجتماعي للفرد الجزائري، وعجز الدولة عن تحقيق مطالب الجماهير والمتمثلة في العمل والسكن وتحسين المستوى المعيشي بصفة عامة.
ثانيا: على المستوى السياسي، ويتمثل في إقدام النظام السياسي على تهميش الجماهير الشعبية وعدم إشراكها في رسم السياسة العامة وفي اتخاذ القرارات التي تهم المواطن وتمس حياته اليومية. والذي لا ينبغي تجاهله هو أن الاضطرابات التي عرفتها الجزائر كانت وراءها أسباب عديدة منها تأثير العوامل الاجتماعية من بطالة وتفاوت اجتماعي والعوامل الثقافية المتمثلة في مطلب اللغة وأزمة الهوية، إضافة إلى العوامل الاقتصادية المتمثلة في الانكماش الاقتصادي ومشكلة المديونية في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، بحيث لم يعد بمقدور السلطة السيطرة على الأسعار، فضلا عن وتوقف التصنيع الصناعي، وضعف الإنتاج الفلاحي وقلة مردودية المؤسسات الاقتصادية التي وصل عجزها إلى ما يقارب 110 مليار دينار، كما أن الفلاحة سجلت عجزا قدره 15 مليار دينار تولت خزينة الدولة دفعها دون مقابل وارتفعت ديون الجزائر من مليار دولار سنة 1979 إلى 19 مليار دولار سنة 1988.
يضاف إلى ذلك ظهور طبقة بورجوازية، وما من شك فيه أن السلطة السياسية لم تكن لتخفى عليها هذه المسائل وكذا المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع، فقد حاولت في إطار النظام الاشتراكي معالجة الأوضاع عن طريق إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية التابعة للدولة هيكليا ثم ماليا، وإعادة تنظيم الفلاحة هدفها بعث النشاط في القطاعين ومنحهما استقلالية كبيرة اتجاه السلطة الوصية، ومع ذلك فقد ظهر اتجاه محافظ اتخذ موقفا مناهضا لتلك الإصلاحات، بدعوى أنها تهدف إلى إفراغ الاختيار الاشتراكي من محتواه، فوجد الرئيس نفسه مضطرا لاتخاذ موقف معتدل تفاديا للانقسام وانهيار النظام أو ظهور نظام متطرف، لكنه مع ذلك كان في الكثير من التدخلات يشجب المواقف المحافظة والتمسك بالشعارات إلى أن جاءت أحداث أكتوبر مرجحة كفة الاتجاه الإصلاحي مبعدة الاتجاه المحافظ.
بعد أحداث أكتوبر1988 والتغييرات السياسية التي ترتبت عنها من تعددية حزبية وغيرها، والتي جسدها دستور1989، ندرس تحديد مفهوم الانتخاب في ظل النظام القانوني الجديد. ج- مفهوم الانتخاب في النظام القانوني الجديد بظهور دستور23/02/1989 انتقل المجتمع والنظام الجزائريان إلى عهد التعددية السياسية والحزبية، مجسدا ومكرسا في المادة 40 من الدستور الجديد حيث جاء فيها على الخصوص:" الحق في إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به، ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقلال البلاد وسيادة الشعب"، وبناء على هذا التحول في النظام السياسي وانتقاله من وحدوية الحزب إلى التعددية الحزبية كان منطقيا وضروريا أن يطرأ تغيير جذري على النظام الانتخابي، حتى ينسجم مع التوجه والنظرة الجديدين للسلطة وممارستها وخاصة بعد أن أكدت المادتان6-7 من الدستور على أن الشعب هو مصدر السلطات، وأنه صاحب السيادة، مع التحفظ الذي أبداه حول إسناد السيادة للشعب بالمفهوم الغربي وما يتضمنه ذلك من مخالفة كبيرة للمفهوم الإسلامي للسيادة.
إن القانون الانتخابي الجزائري الجديد( عهد التعددية السياسية) ينفرد عن النظام الانتخابي السابق، بما تضمنه من أحكام تتعلق بتنظيم التنافس بين الممثلين في المجتمع والأساليب الانتخابية المتبناة من طرف المشرع و الآثار التي تترتب عن هذه الأساليب والأنماط الانتخابية على الصعيد الواقعي. وبعد حوادث أكتوبر1988 وصدور دستور23 فيفري 1989 ، الذي عدل مضمون هيئات ووظائف السلطة في البلاد وأول ما جاء به من جديد هو التعددية الحزبية والانفتاح السياسي، مما أدى إلى مصادقة المجلس الشعبي الوطني على قانون الجمعيات ذات الطابع السياسي في2 جويلية 1989 والصادر بموجب قانون 89-11 المؤرخ في 5 جويلية 1989، والذي فتح باب التنافس السياسي في الانتخابات البلدية والولائية في جوان 1990 والتشريعية في 26 ديسمبر1991 والتي أدت إلى انقلاب موازين القوى السياسية والتوازن في السلطة مما أدى إلى إيقاف المسار الانتخابي.
يتضح أن النظام الانتخابي الجزائري في ظل التعددية الحزبية هو الذي صنع أهم الأحداث الخطيرة في البلاد، منذ أن شرعت السلطات في تجسيد الحياة الديمقراطية وخاصة بعد الشروع في دمقرطة السلطات المركزية للدولة.
إن أزمة المشاركة السياسية في الجزائر تمثلت من خلال عجز المؤسسات السياسية عن استيعاب القوى السياسية والاجتماعية فقد رافق حكم الحزب الواحد إقصاء للحريات الفردية و الجماعية، وفرض أمور جاهزة منعت من خلالها روح المبادرة المبدعة، وتأكيد الأحادية المتعسفة وتراكم عناصرها لسنوات عديدة. يعتبر مبدأ التعددية الحزبية من أهم المقومات لبناء دولة القانون، فلا يمكننا الحديث عن الدولة القانونية في ظل الأحادية الحزبية. والتعددية الحزبية لا يمكن تجسيدها إلا في ظل وجود الأحزاب والجمعيات في الدولة، لكن هذا لا يعني أن التعددية الحزبية تستمد قوتها وقيمتها من كثرة الأحزاب والجمعيات، وإنما يكون بهيكلة هذه الأحزاب والجمعيات وتنظيمها، وكذلك وضع قانون أساسي لسيرها وشروطها وتحديد أهدافها ومسعاها.
والأساس في الديمقراطية حرية الرأي والتعبير أي فتح باب التنافس على مصراعيه، ونلاحظ أن المشرع الجزائري قد تناول مبدأ التعددية الحزبية في الدساتير المختلفة ونظمه بالعديد من القوانين، ولكن هل وضع المشرع الجزائري قيود وحدود لهذه الجمعيات والأحزاب؟ وهل كل شخص جدير أن يُكَوِن حزبا ويدخل المنافسة السياسية؟ بعد حوادث 05 اكتوبر1988 وتعديل الدستور في 23 فيفري 1989 وظهور الإصلاحات الاقتصادية تبعتها إصلاحات سياسية، ومنه فتح المجال للنشاط السياسي والتعددية الحزبية تبعه ظهور قانون الجمعيات ذات الطابع السياسي تحت
رقم 89/11 مؤرخ في 05 جويلية 1989 وهو قانون سمح لأي مواطن أن يؤسس جمعية ذات طابع سياسي(حزب)، شريطة أن تتوفر فيه الشروط القانونية اللازمة، ومنها تجمع 15 عضو على الأقل للتمكن من إنشاء حزب، ولذلك ظهر حوالي 65 حزبا خلال السنوات 1990 و1991، ثم تلاه صدور قانون آخر تحت
رقم 89/28 مؤرخ في 31/12/1989 والمتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية، وجاء القانون لينظم العمل العمومي والنشاط التجهيزي للأحزاب وهو مكمل للقانون 89/11 المنظم للجمعيات ذات الطابع السياسي، فهذا القانون ينظم طريقة وشروط الاجتماعات والمظاهرات العمومية للجماهير والمناضلين والأنصار في القاعات والساحات العمومية كذلك المظاهرات والمسيرات في الشوارع والطرقات.
إلا أنه بعد صدور الدستور الجديد لسنة 1996 والذي صوت عليه الشعب بتاريخ 28/11/1996، جاء قانون عضوي ينظم الأحزاب السياسية ويعيد تنظيمها القانوني وفق ما جاء من قواعد وأسس في الدستور الجديد.
لذا صدر القانون العضوي المنظم للأحزاب رقم 97-09 المؤرخ في مارس1997 والذي عدل القانون السابق المتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي المؤرخ في 05/07/1989، ليتماشى مع الدستور الجديد لعام 1996، حيث أضاف هذا القانون شروط قانونية أخرى لتأسيس الأحزاب السياسية وأوجب جعل تسميتها وأسسها وأهدافها مطابقة للشروط المرعية في القانون، ومن بين هذه الشروط الأساسية التي يجب أن تتوفر في الجمعية السياسية الشروط التالية:
1- الأهداف
يهدف الحزب السياسي في إطار أحكام المادة 42 من دستور96 إلى المشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية، من خلال جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي دون ابتغاء هدف يدر ربحا.
2- الشروط
يجب على كل حزب سياسي أن يمتثل في جميع أنشطته إلى المبادئ والأهداف الآتية:
- عدم استعمال المكونات الأساسية للهوية الوطنية وأبعادها الثلاثة وهي الإسلام أو العروبة والأمازيغية لأغراض الدعائية الحزبية.
- نبذ العنف والإكراه كوسيلة للتعبير أو العمل السياسي أو الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها أو التنديد به.
- احترام وتجسيد مبادئ ثورة نوفمبر 1954.
- احترام الحرية الفردية والجماعية واحترام حقوق الإنسان.
- توطيد الوحدة الوطنية.
- الحفاظ على السيادة الوطنية.
- الحفاظ على أمن التراب الوطني وسلامته واستقلال البلاد.
- التمسك بالديمقراطية في إطار احترام القيم الوطنية.
- تبني التعددية السياسية.
- احترام الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة.
- احترام التداول على السلطة عن طريق الاختيار للشعب الجزائري.
3- الحدود
وتتمثل في الحدود التي لا يمكن لأي حزب أن يتعداها أو يتجاوزها وهي عدم جواز أي حزب أن يتبنى تأسيسه أو عمله على قاعدة أو أهداف تتضمن ما يلي:
الممارسات الطائفية والجهوية والإقطاعية والمحسوبية، والممارسات المخالفة للخلق الإسلامي والهوية الوطنية وكذا قيم ثورة أول نوفمبر1954 والمخلة برموز الجمهورية.
كما يجب على الحزب ألا يبني تأسيسه أو عمله على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو جهوي.
كما يندرج تأسيس أي حزب سياسي وسيره وعمله ونشاطاته ضمن الاحترام الصارم للدستور والقوانين المعمول بها، ويمتنع الحزب السياسي عن المساس بالأمن والنظام العام.
كما يمتنع عن أي تحويل لوسائله أو أي وسيلة أخرى لغرض إقامة تنظيم عسكري (أي تحريم إقامة الميلشيات)، كما يمتنع الحزب السياسي عن أي تعاون أو ربط علاقة مع طرف أجنبي، على قواعد تخالف وتناقض أحكام الدستور والقوانين المعمول بها، كما يمتنع عن أي عمل بالخارج أو الداخل يهدف إلى المساس بالدولة وبرموزها وبمؤسساتها وبمصالحها الاقتصادية والدبلوماسية، ويمتنع عن أي ارتباط أو أية علاقة من شأنهما أن يعطيانه شكل فرع أو جمعية أو تجمع سياسي أجنبي، وتحظر أية علاقة تبعية أو رقابة بين حزب سياسي ونقابة أو جمعية أو أية منظمة مدنية أخرى مهما كانت طبيعتها.
ثم تلي بعض الشروط التقنية التي يتطلب توافرها في أي حزب لجعله أكثر تمثيل وتوزيع عبر التراب الوطني ونذكر منها:
- اشتراط عدد المؤتمرين في المؤتمر التأسيسي للحزب أن يتراوح ما بين400 و500 مؤتمر على الأقل، وأن يمثلوا على الأقل مواطني 25 ولاية ويجب أن يمثل كل ولاية بـ16 ممثلا على الأقل، وينتخبون من قبل 2500 منخرط على الأقل، وألا يقل عدد المنخرطين في الولاية الواحدة عن 100 منخرط.
كما يلزم هذا القانون الجمعيات ذات الطابع السياسي والأحزاب الموجودة في الساحة قبل صدور هذا القانون، أن تعدل تسميتها وأسسها وأهدافها بجعلها مطابقة لأحكام هذا القانون خلال مدة شهرين ابتداء من صدوره. وألا تتجاوز هذه المدة سنة لتمتثل لأحكام هذا القانون.
ونلاحظ على هذا القانون أنه بعد فتح باب الحرية السياسية على مصراعيه والسماح بإنشاء الأحزاب السياسية وبعد تجربة قصيرة لهذه الحرية التعددية الحزبية، ونظرا للظروف التي عاشتها البلاد في العشرية الأخيرة، لجأ النظام السياسي والسلطة العليا في البلاد إلى وضع معالم وحدود لهذه الحرية السياسية، وجعل بموجب الأمر رقم 97-09 المؤرخ في 06/03/1997 الإطار القانوني الذي تنحصر فيه حرية الممارسة السياسية للأحزاب في الجزائر، وقامت بوضع حدود ومعالم يحظر تجاوزها، وكذا الأهداف والمبادئ الأساسية التي يستوجب احترامها ومراعاتها من قبل أي حزب أو جمعية سياسية ليسمح لها أن تنشط قانونا وعلنا في البلاد لتفادي الخطر والسرية كما كانت عليه بعض التنظيمات والأحزاب أيام الحزب الواحد. كما اشترط القانون الجديد على الأحزاب توسيع قاعدتها العضوية لكل حزب وانتشاره عبر القطر، حيث انتقل الحد الأدنى للمؤسسين للحزب من 15 عضو إلى 2500 منخرطا على الأقل يمثلون 25 ولاية في الجزائر، شريطة ألا يقل عددهم في الولاية الواحدة عن 100 منخرط أو عضو في الحزب إلى جانب تحديد العدد الأدنى للمؤتمرين التأسيسيين للحزب بـ400/500 ممثل، وهذا لفتح الأحزاب أمام مختلف الفئات والشرائح عبر كل الوطن، كي لا ينحصر في منطقة دون أخرى.
وأما تقييم مثل هذا القانون فمنذ 1997 لم تمر عليه مدة كافية لتجربته ميدانيا بعد، ومن الممارسات اليومية لأنشطة الأحزاب ومناضليهم، للتأكد من مدى جدواه أو تقييم أبعاد هذه القواعد ومدى صلاحياتها أو توافقها مع الحرية السياسية والحريات العامة والفردية في المجتمع وكذا تقييم الدستور الجديد الصادر في 1996.
إن الوظيفة السياسية بصدور دستور 1989 انتقلت من نظام الحزب الواحد إلى الأخذ بنظام التعددية السياسية الحزبية، ويعد الرئيس الشاذلي بن جديد أبو التعددية السياسية في الجزائر والتي فتحت الأبواب إلى كل الاتجاهات والحساسيات السياسية بما فيها الإسلامية حرية ممارسة العمل السياسي . وبالتالي قد زالت الوظيفة السياسية في الدستور الحالي بزوال الهيئة التي عهدت إليها هذه الوظيفة بزوال نظام الحزب الواحد في البلاد، وعليه بعد ميلاد العديد من الجمعيات السياسية والأحزاب على إثر قانون 89/11 المؤرخ في 05/07/1989، الذي يسمح بإنشاء الأحزاب بلغ عددها 65 حزبا وجمعية، وبعد صدور القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية الذي صدر بموجب الأمر97/09 المؤرخ في 06/03/1997، جعل حدود قانونية وضوابط للنشاط السياسي في البلاد، ومنه تحديد لمجموعة من الأهداف والشروط والحدود التي لا يسمح لأي حزب الخروج عنها، وبعد إخضاع كل الأحزاب لقواعد هذا القانون لتتماشى معها، بدءا من حزب جبهة التحرير الوطني الذي عدل برنامجه وقانونه الأساسي لجعله متطابقا مع قواعد جديدة للنشاط السياسي، تبعته أغلب الأحزاب والجمعيات السياسية، ومنها من حلت بموجب أحكام قضائية بعدم امتثالها للقواعد القانونية الجديدة بعد مرور الفترة الانتقالية، التي حددت على الأكثر بسنة ابتداء من صدور القانون 97/09 المؤرخ في 06/03/1997 طبقا للمادة 43 منه. وهناك من الأحزاب والجمعيات التي قامت بحل نفسها رافضة الخضوع والامتثال للقواعد الجديدة ونذكر من بينها مثلا: حزب الأمة والحركة الديمقراطية الجزائريةMDA .
الوظيفة السياسية التي كانت في يد الحزب الواحد، (حزب جبهة التحرير الوطني)، في البلاد ليقود العمل السياسي والحزبي، انتقلت إلى كل الأحزاب الموجودة في الساحة، والتي تنشط علنا وقانونا في إطار أحكام الدستور، خصوصا دستور1996، والقانون العضوي رقم 97/09 المؤرخ في 06/03/1997، الذي أوكل العمل السياسي للأحزاب والجمعيات السياسية و أعطاها فرصة العمل و المناقشة السياسية وفق الشروط والقواعد المحددة قانونا.
إن عملية التحول الديمقراطي والانتقال نحو التعددية السياسية في الجزائر كانت نتيجة تفاعل بين مجموعة من العوامل والمؤثرات الداخلية والخارجية والمتمثلة في عجز النظام عن معالجة الأزمات المجتمعية المختلفة، مما أدى إلى انهيار شرعيته التاريخية الثورية في ظل تنامي تنظيمات المجتمع المدني ومطالبتها بالديمقراطية.
إن ضمان ممارسة الحرية لا يتحقق فعلا إلا بإقرار إجراءات بسيطة غير مقيدة بالنسبة لحرية تكوين الأحزاب السياسية.
إلا أن القانون قد قيد تكوين الأحزاب السياسية، وذلك لعدة أسباب وأهداف ومنها أن يتوخى التقليل من إنشاء الأحزاب الطفيلية التي تعمل ضد القانون والحد من تكاثرها. مما سبق نرى أن الواقع الديمقراطي الذي جاء به دستور1989 ثم دستور 1996 والمتمثل في إقرار التعددية الحزبية، لا يتعدى أكثر من التزام شكلي بالمبادئ الديمقراطية، فالتعددية في الجزائر لم تكن نتاج تطور طبيعي لعرى المجتمع المعبرة عن احتياجاته والعاكسة لانشغالاته واختلافات فئاته، بل كانت عكس ذلك حصيلة جملة من الدوافع السياسية والإستراتيجية التي أجبرت بعض الأحزاب على الخروج إلى الساحة السياسية قبل استكمال نموها، وهكذا فإن التعددية السياسية في الجزائر بقيت محاطة بجملة من القيود، دفعت إلى تصنيفها ضمن ما يعرف بالتعددية الموجهة.
ملاحظة: تجدر الإشارة إلي أن القانون العضوي المتعلق بالانتخابات الأخير يحمل رقم01.12